- سؤال الشيطان والملحد: من خلق الله.!!

- سؤال الشيطان والملحد: من خلق الله.!!
-
- الجواب: هذا السؤال باطل من أوجه:
- الأول: بطلانه في نفسه:
- فالخالق لكل ما عداه: لا يكون مخلوقًا بحال.
- فهو كما لو قيل: ما الذي قبل الشيء الذي لا شيء قبله؛ أو: ما الذي بعد الشيء الذي لا شيء بعده. أو: على الأب أن يحسن تربية ابنه الأكبر منه سنًّا؛ أو: على الابن أن يبر أباه الأصغر منه سنًّا.
- الثاني: بطلانه بدليل الوجوب:
- بيانه: قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} (سورة الطور: 35، 36) فهو استفهام استنكاري مضمونه: هل العدم يخلق؟ الجواب: أن ذلك محال.
- وإذا استحال أن يكون العدم خالقًا: فقد استحال أن يكون الخالق معدومًا.
- وإذا استحال أن يكون الخالق معدومًا: فقد أصبح وجوده واجبًا.
- وإذا أصبح وجوده واجبًا: فالسؤال الذي يراد به إنكار الواجب هو باطلٌ مستحيل.
- والمرء إذا كان لا يحيط علمًا بمخلوق مثله، كعدد خلايا جلده، وعدد شعره، وطول كل شعرة، ومقدار سمكها، ونبضات قلبه، وأنفاس صدره، وسريرة نفسه، ولا يضر ذلك علمَه بأن هذا الشخص بعينه هو فلان، وأنه عدو أو صديق، وأنه طبيب، أو عامل، أو مزارع. .... فكذلك لا يضر علمَه بالله وإيمانَه به: عدمُ إدراكه لذات الله تعالى ووجوده وصفاته وأفعاله سبحانه على سبيل الإحاطة.
- الثالث: بطلانه لأنه قياس مماثلة على المخلوق في الاحتياج والافتقار:
- بيانه: أن ما كان أزليًّا فوجوده دائم لا نهاية له: لانتفاء حدوثه؛ وما انتفى حدوثه: انتفى احتياجه في وجوده إلى غيره، وما انتفى احتياجه إلى غيره: وجب وجودُه وانتفى إمكان عدمه؛ وإذا انتفى إمكان عدمه: بطل احتماله بذلك السؤال؛ ولذلك قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (سورة العنكبوت: 6)
- يقول الملحد: طالما أن إله المسلمين لا خالق له فقد أتى صدفة.
- يقول المسلم: لم يأت صدفة لأنه لم يكن معدومًا في وقت من الأوقات؛ فالوقت حادث من جملة مخلوقاته جل شأنه.
- الرابع: بطلانه لأنه قياس مماثلة في الوجود:
- بيانه: أن الأزلي ((لا يحاط به)) فلما كان الافتراض الوارد في هذا السؤال يجعل الخالق مخلوقًا: فقد وقع سائلُه في حصر الخالق سبحانه في زمان ومكان وهما مخلوقَان له فمثّله بخلقه وجعلهما محيطين به.
- وهو اللازم من افتراضِ خالقٍ ((قبله)) وافتراضِه سبحانه مخلوقًا ((بعده))، فإن لفظة: ((قبل)) هي: ((ظرفٌ)) للزمان السابق، أو ظرف المكان السابق، وضدها ((بعد)). و((الظرف)) معناه: الوعاء وكل ما يستقر غيرُه فيه، ومنه ظرف الزمان وظرف المكان عند النحاة. [المعجم الوسيط (2/ 712)، (2/ 575)]
- وافتراض الأزلي المحيط محدَثًا محاطًا هو باطل؛ فإنما الزمان والمكان = اللذان يدخل في وعائهما ((ظرفهما)) المخلوق المحدَث =: من جملة مخلوقاته سبحانه، ولذلك بطل أن يدخل جل شأنه في سياق قبل وبعد؛ وإذا بطل أن يدخل جل شأنه في سياق قبل وبعد: بطل ذلك السؤال؛ قال تعالى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (سورة الروم: 4)
- وإذا كان الله جل شأنه قد أوجد هذا الكون = ومنه العرش والسماوات والأرض ومن فيهن = بعد أن لم يكن: فقوانين الكون وزمانه ومكانه وجهاته ومعادلاته بثوابتها ومتغيراتها، لا يقاس بها وجود الله تعالى ولا حياته ولا ذاته ولا صفاته ولا أفعاله سبحانه.
- فالمخلوق الأزلي هو المخلوق الواجب الذي لم يُخْلَقْ، ((أي: ما ليس له بداية)) لكن ما لم يُخلَق ((أي: الأزلي)) لا يقال له: مخلوق؛ لذلك فلا يقال للأزلي الذي لا يحيط به شيء: مَن خلقه؟ فلو افترضناه مخلوقًا مع إيجاب وجوده: كان كما لو افترضناه حادثًا مع إيجاب أزليته؛ ولكان مساويًا لقولنا: إن المخلوق خلق نفسه، وكل ذلك محال ممتنع؛ فالملحد يصح له بمثل سؤاله: أن يفترض أنه خلق نفسه؛ لأن افتراض الحدوث والإمكان في واجب الوجود: يستوي معه افتراض الوجوب في الحادث الممكن.
- الخامس: بطلانه لأن المخلوق غير محكوم بمقياسه:
- بيانه: أن الزمان لا أثر له في المخلوقات: فما الزمان إلا معنى تابعًا لحركة تلك الجمادات الْمُسَخَّرةِ في أفلاكها غير العاقلة ولا المُريدة ((أقصد: الكواكب والنجوم والأقمار)) ولكل منها زمانه ومواقيته الخاصة به؟ ولذلك جاء في الحديث القدسي قال الله عز وجل: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، ((بِيَدِي الأَمْرُ)) أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» (رواه البخاري ومسلم) قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: قال الإمام الخطّابي: معناه: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جُعِل ظرفًا لمواقع الأمور، وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر، فقالوا: بؤسًا للدهر؛ وتبًّا للدهر. قلت: ويشهد لهذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في رواية للإمام مسلم: قال الله عز وجل: «.... فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، ((أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ)) فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا» وفي رواية للإمام أحمد: «لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا الدَّهْرُ، ((الأَيَّامُ وَالَّليَالِي لِي)) أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيهَا، وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ»
- وإذن فما الزمان = الذي هو تعاقب الليل والنهار بمقدارٍ حركي محسوبٍ = ما هو إلا معنىً من المعاني نشأ عن تقدير الله سبحانه لحركة الشمس والأرض والقمر في الأفلاك، تلك الحركة المحسوبة التي ينتج عنها تقلُّب الليل والنهار، فإذا توقفت توقف؛ وإذن فما هو إلا أثرٌ ودليل على الصانع وتقديره، لا تأثير له في مخلوقات الله.
- ومما يقرر ذلك أيضًا: انتفاءُ وجودِ تأثيرٍ لحركة الزمان في تَغَيُّرِ خِلقة البشر وانتقالهم في مراحل العمر من الطفولة إلى الصبا إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة، فأنه لو فُرض وجود ليل دائم بغير نهار، أو نهار دائم بلا ليل، ثم فرض نشأة مولود في هذا النهار أو الليل الدائم، لوقع حتمًا التغير المسنون في خلقته، فانتقلت في مراحل العمر من الطفولة إلى الصبا إلى الشباب إلى الشيخوخة إلى الممات؛ وإذا فلا أثر لتقلب الزمان في مخلوقات الله.
- ويشهد لهذا ما هو حاصلٌ في بعض البلاد التي في أقصى الشمال: التي يستمر الليل والنهار فيها مدة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر متتابعة، فيتعاقب فيها الليل والنهار مرة واحدة كل سنة؛ وهذه المرة الواحدة إنما يُقَسّمها أهل هذه البلاد بمثل مقادير الأيام في الدول التي يتعاقب فيها الليل والنهار تعاقبًا عاديًّا في كل شهر ثلاثين مرة؛ ويحسبون أعمارهم على هذا التقدير المعتاد، وخلقتهم تتغير وتنتقل في مراحل أعمارهم مثل سائر الخلق في سائر البلدان؛ لا يؤثر فيها ولا يعطلها هذا البطء في تعاقب الليل والنهار.
- وإذا كان لا أثر للزمان في المخلوق: فأولى أن لا يكون له أثر في خالقه؛ وإذا كان كذلك: فقد بطل ذلك السؤال لأن مبناه على جعْلِ الخالق مشمولًا محاطًا في ظرفه.
- السادس: بطلانه لاستحالة التعدد:
- بيانه: أن الأزلي ((لا يكون إلا واحدًا)) لأن الوصف بالأزلية يستوجب الوصف للأزلي بالإحاطة التامة المطلقة بكل ما عداه، بحيث لا يفوته منه شيء؛ ومعلوم أن كل مقدار محدودٍ إذا نسب إلى ما لا نهاية ((أي: الأزلية)) في علم الرياضيات يساوي صفرًا، ولذلك فالإحاطة يلزم منها انعدام التعدد، فلا يجوز أن يكون في الوجود أزليان = أو أكثر = لامتناع تصور إحاطة كليهما بالآخر في وقت واحد = مُلْكًا أو علمًا أو قدرة أو زمانًا أو مكانًا = للزوم أن يكون كل واحد منهما داخلًا في قدرة الآخر وعلمه وملكه وقيوميته، فيكون عاجزًا، محاطًا في علم غيرِه، مملوكًا، مُتَقَوَّمًا بتدبير غيره، في ذات الوقت الذي يكون فيه محيطًا بمن أحاط به: علمًا وقدرةً وملكًا وقيوميةً بالتدبير والتصريف، وكل ذلك مستحيل لتناقضه. فانتفى التعدد، ووجب أن يكون الأزلي واحدًا واسعًا محيطًا بكل ما عداه، قال تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} (سورة النساء: 126) وإذا لم يكن جل شأنه إلا واحدًا فردًا محيطًا: فباطل أن يُسأل عن مُوجِدٍ أزلي للأزلي!! فإذا بطل التعدد مع الوصف بالأزلية: بطل معه إمكانية التسلسل كذلك.
- السابع: بطلانه لأنه يُخضِع الخالق لقانون صنعته:
- بيانه: أن خالق قانون السببية لا يمكن أن يكون خاضعًا له: لأنه قبل وجود الأسباب والمسَبَّبات وقانونها الحادث؛ وإذا لم يكن خاضعًا لقانون السببية: بطل ذلك السؤال. لأن قانون السببية ركن فيه.فخالق الصنعة يحكم قانونها: فيُعْمِلُه أو يبطله.
- الثامن: بطلانه لقطع التسلسل الفاسد:
- بيانه: أن الاسترسال في هذا السؤال الباطل ((ممتد إلي ما لا نهاية)) فلو فُرض خالقٌ قبل الرب جل شأنه، وقيل: مَن خلق الخالق؟ لجاز أن يقال ذلك في الذي افتُرِضَ قبله = ولا دليل عليه =: إلى مالا نهاية؛ وإذن: فلن يوصَل بتلك الفروض الباطلة إلى خالق أبدًا؛ وبالضرورة فالمخلوقات لم تخلق نفسَها؛ فإذا لم يوصل إلى خالق أبدًا: فلن يوجد مخلوقٌ أبدًا؛ لكن وجود المخلوقات ثابت لا شك فيه: فوجب أن يكون وجود الخالق الغني الأول: حق لا مراء فيه؛ وهو مما يبطل ذلك السؤال.
- التاسع: بطلانه لانتظام الكون:
- بيانه: أن هذا السؤال يراد به النفي لوجود الخالق، وهذا يلزم منه انتفاء إمكان انتظام الكون طرفة عين، لكن هذا اللازم باطل بالضرورة، فبطل بالضرورة كذلك هذا السؤال.
- وبطريق آخر: أنه لو فرض خالق قبل الخالق: لجاز أن يوجِد ذلك الأول أكثر من خالق، وهذا التعدد يوجب لهذا الآلهة (المخلوقة)!!: الوصف بالاحتياج إليه ولبعضها، ومحدودية إرادتها وعلمها وقدرتها، وهو عجز، والعجز نقص يبطل القول بالألوهية؛ فاستحال أن يوجد أكثر من إله؛ ووجب أن يكون واحدًا، وإذا وجب أن يكون واحدًا: بطل هذا السؤال.
- وافتراض التعدد مع افتراض الاتفاق الشريكين أو الشركاء في القدرة والإرادة: أبلغ في دلالته على نفي القدرة والإرادة عن كل واحد منهم، لأن اللازم منه: أن لا يريد أحدهما = أو أحدهم = ولا يفعل إلا ما يريده الآخر = أو الآخرون = ويفعله = أو يفعلونه = في نفس الوقت، فلا يكون واحد منهم قادرًا إلا إذا جعله الآخر قادرًا، ولا يعجز أحدهما إلا إذا عجز الآخر، فاللازم من ذلك ألا يكون واحد منهما قادرًا ولا مريدًا: لأن أحدهما إذا لم يمكنه أن يفعل أو يريد إلا ما يريده الآخر ويفعله، وكان الآخر كذلك، ولم يكن فوقهما أحدٌ يجعلهما قادِرَيْن مريدَيْن، لم يكن أيًّا منهما قادرًا مريدًا حتى يكون الآخر قادرًا مريدًا في نفس الوقت على نفس الشيء، وحتى يجعله الآخر قادرًا مريدًا، وهذا دَوْرٌ قبليٌّ، وهو باطل متناقض، كما لو قيل: لا يوجد (أ) حتى يوجِده (ب)، ولا يوجد (ب) حتى يُوجِدْه (أ) فيلزم أن يكون (ب) سابقًا في الوجود على (أ) حتى يوجِدْه، في نفس الوقت الذي يجب فيه أن يكون (أ) سابقًا في الوجود على (ب) حتى يوجِدْه؛ وهو محال ممتنع في صريح العقل.
- كما نبه عليه الإمام ابن تيمية في درء التعارض بين العقل والنقل.
- كمن يقول: بالإمكان وضع الإناءين المتساويين في الحجم طولًا وعرضًا وارتفاعًا (أ) و(ب) في بعضهما، بحيث يكون (أ) داخل (ب) في نفس الوقت الذي يكون فيه (ب) داخل (أ) ووجب أن يكون واحدًا، وإذا وجب أن يكون واحدًا: بطل هذا السؤال.
- العاشر: بطلانه لافتراضه ما انعدم دليله:
- بيانه: أن هذا الخالق المفترض خالقًا للخالق!! واجب عليه ((أن يعرّف خلقه بنفسه))، وإلا كان جاهلًا بنفسه وبخلقه، مهملًا لهم إذ تركهم يجحدونه، ويكذبون عليه، عاجزًا عن ذلك المخلوق!! الذي نزع منه الألوهية بلا خوف من علم ولا إرادة ولا قدرة فوقه، فأقام أدلة الألوهية لنفسه، وانفرد بها دونه؛ وما دام كذلك: فافتراضه باطل: لأنه يستحيل أن يوجد من هو أعلم بخلقه منه؛ أو أن تستقيم دلالة الكون على ألوهية غيره؛ وإذ انتفى بالضرورة ما هو واجب له من صفات الكمال: وجب بطلان افتراض وجوده؛ لأن الصفة لا تقوم بغير موصوف؛ فإذا كانت أزلية: لم يصح أن تنعدم مع وجود من وجبت له: فبطل افتراض وجوده؛ وإذا بطل افتراض وجوده: بطل افتراضه خالقًا لشيء: وبطل ذلك السؤال.
- فأهل الإسلام لا يفترضون وجود الله، بل يوجبون حقيقة ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، بدلالته هو على نفسه بما أرسل من الرسل، وأنزل من الكتب، وأقام من الحجج، وبث من الآيات في خلقه؛ فأين دلالة ذلك المفترض قبله على نفسه؟ فإنه إذا انعدمت الدلالة: بطل افتراض ما لا دليل عليه. وإذا بطل افتراض ما لا دليل عليه: بطل ذلك السؤال.
- الحادي عشر: بطلانه لحصول هذا التناقض بافتراضه:
- بيانه: أن الملاحدة يثبتون موجودًا لا أول له ولا خالق، ((وهو المادة المخلوقة)) فاعْجَبْ ما شاء لك العجب من عبّاد الطبيعة هؤلاء بوثنيتهم وهم يثبتون الأزلية إذا ما وصفت بها ((المادة)) وهي مخلوقة مثلهم، فيقولون: لا خالق لها، ولا ابتداء لوجودها، ولا يسألون لوجودها عن سببٍ = وهذا هو البديل للخالق عندهم = فإذا قيل لهم: قد ثبت بالضرورة العقلية حدوث الكون وحاجته وانفعاله، ووافقها العلم الطبيعي: فالأزلية صفة واجبة لخالق كل شيء، الأول الذي لا يسبقه شيء، الواجب الذي لا يمكن عدمه في وقت من الأوقات، = إذا قيل لهم ذلك =: جعلوا الأزلي حادثًا، وقالوا: من الذي أوجد الأزلي؟ فأنكروا بذلك وصفَ الأزلية، مع كونهم يثبتونه للمادة ليبنوا عليه جحودهم؛ فالمخلوق الحادث عندهم يستحيل أن يكون له خالق؛ بينما الخالق الأزلي عندهم لا بد له من خالق!! عجب وفوق العجب.
- الثاني عشر: بطلانه لهذا التناقض المتعلق بصفات الكمال الواجبة:
- بيانه: أن صفة الكمال التي يوصف بها المخلوق إذا ما أضيفت إلى الخالق ((قد تكون انتقاصًا وشتمًا)) يستحيل أن يوصف به، وذلك كقابلية الإنجاب والولادة، والقدرة على تناول الغذاء وهضمه وإخراجه، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ: شَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي، وَتَكَذَّبَنِي وَمَا يَنْبَغِي لَهُ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ: إِنَّ لِي وَلَدًا. وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي». (رواه البخاري) وسبب ذلك أن صفة الكمال التي يتصف بها المخلوق هي في حقيقتها تكميل له، يدل على احتياجه وفقره إلى من أنعم بها عليه، بخلاف صفة الكمال الأزلية التي يوصف بها الخالق: فهي كمال ذاتي واجب لوجوب غناه؛ لذلك استحال على الله جل شأنه تلك الكمالات الممكنة في المخلوق الممكن (كالإنجاب والأكل والشرب والإخراج)؛ فجعْلُ الخالق مخلوقًا: يوجب أن تكون صفة الكمال في المخلوق: كمالًا له جل شأنه، لكن هذا اللازم باطل بالضرورة لأنها في المخلوق دليل احتياج وفقر يتنافى مع الوصف بالوجوب والأزلية: فثبت بذلك أن هذا السؤال محال بالضرورة.
- الثالث عشر: بطلانه لكونه قياس مماثلة القدرة:
- بيانه: أنه لما كان سائل هذا السؤال الباطل يجعل الخالق مخلوقًا؛ ويشبّهُه بخلقه تشبيهًا صريحًا، فقد لزمه من افتراضه ذلك أن ((يحلّ أحدُهما محل الآخر)) ويسد أحدهما مسدّ الآخر، فيلزم منه أن يقدر ذلك السائل المفترِض أن يوجِد مثل ما أوجده الله، فهذا اللازم شرط لكي يصح له أن يقيس فيسأل عن خالق لله كما يسأل لنفسه عن خالق؛ فيقيس الوجود قياسًا صحيحًا على ما يماثله ولا يَفْضُلُهُ في شيء؛ لكن هذا اللازم باطل بالضرورة: فكذلك هذا السؤال محال بالضرورة.
وكذلك تقول في كل لازم يتعلق بصفة يتصف بها الخالق جل شأنه.. تنقلها للمخلوق الحادث: لتجد لازمًا باطلًا بالضرورة يلزم باستحالته: استحالة هذا السؤال.
- الرابع عشر: بطلانه لطرحه دليل النبوة القائم:
- بيانه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ». (رواه البخاري ومسلم)
- وفي روايةٍ: «فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ». (رواه مسلم وأحمد)
- وفي رواية أخرى: فَقُولُوا: «اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. ثُمَّ لْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثًا؛ وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ». (رواه أبو داود)
- فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من عرض له وسواس التسلسل بالانتهاء عن الاسترسال معه بالفكر، وأن يعلن ثباته على التصديق بالله ورسله، والاستعاذة بالله، وقراء سورة الإخلاص، وذلك لأمور:
- الأول: أن هذا السؤال استغفالٌ للمخاطب، وطرحٌ لدلالة النبوة، ودلالةِ الفطرةِ والمعقول؛ فنبهه إلى التمسك بالثابت عنده بالعقل والنقل الذي يريد الوسواس منه بذلك السؤال أن يطرحه.
- الثاني: أنه إذا ثبت صدق الرسول: فالمرسِل ((صادق)) بطريق الأوْلى؛ قال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (سورة النساء: 87) وقال تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} (سورة النساء: 122) فإذا أخبر عن ذاته أنه لا إله غيره: أصبح ما ينافيه من الاحتمال بذلك السؤال ((كذبًا)).
- الثالث: أن الله جل شأنه لو كان قبله أو معه غيره: لكان ((مع قَدَرِهِ في خلقه قَدَرٌ غيرُه)) ففسدت النبوة وكذبت أخبارها بالضرورة؛ لأن النبوءة إنما هي إخبار عن علم الله بقدره في خلقه؛ فإذا شاركه أو عارضه قدرٌ غيرُه كذب الخبر المأخوذ بعلم النبوة ولا بد؛ لكن النبوة لا يكذب خبرها؛ فلزم أن يكون احتمال خالق مع الله أو قبله بهذا السؤال كذبًا.
- الرابع: أنه لو كان قبله جل شأنه إله: ((لامتنع عليه الإخبار أنه يحفظ كونه)) وأنه يثبت أمره، ثم يستمر كما أخبر على لسان رسله؛ لأن ذلك يوجب أن يكون إخباره بذلك ظنًّا: يجوز عليه الانتقاض في لمح البصر أو أقرب منه، قال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} (سورة الروم: 25) فسرها العلماء باستمرار ثبات أمرهما على قانون مستقيم.
- الخامس: أن الشيطان من الإنس أو من الجن ((لا يأتي بالمعروف ولا تنفع معه الموعظة)) والحجة عنده مهملة لا قيمة لها، فالمسترسل معه في وساوسه وخيالاته مضيع لوقته إن سَلِمَ من فتنته، فلا تدبير في دفعه أقوي من الالتجاء إلي الله تعالي والاستعاذة به، قال تعالي: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (سورة فُصِّلَتْ: 36).
- السادس: أن الشيطان لا يرضى قط ((بأن يكون سببًا في طاعة يثاب العبد عليها)) ولا أن يكون سببًا في تكرارها، ولذلك أمر نبينا صلى الله عليه وسلم من عرضت له الوسوسة في الإيمان أن ينتهي، وهي طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم يثاب المرء عليها.
- وأن يقول: (آمنت بالله ورسله) وهي طاعة أخرى بإعلان الثبات على الإيمان بالله ورسله، وامتثالٌ لأمر الله تعالى في قوله سبحانه: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (سورة آل عمران: 179)
- وأن يقرأ سورة الإخلاص، وله بذلك مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن. (رواه البخاري ومسلم)
- فكان ذلك أيسر باب وأقصر طريق يقطع الشيطانَ عن وساوسه، ويخزيه ويرد كيده ويقطع أمله، وهو جعل الوسوسة سببًا في تحصيل العبد لطاعة يثاب عليها، ويتراكم بتكرارها أجره؛ ولهاتين الكلمتين «آمنتُ باللهِ وَرَسُولِه» على شيطان المرء من الأثر ما لا يعلم مداه إلا الله، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (سورة النجم: 3، 4)
- السابع: أن الأمر بقراءة سورة الإخلاص فيه تنبيه إلى أن الحادث لا يستطيع أن يحيط بالأزلي إلا في حالة مستحيلة، وهي أن يكون المحدود أكبر من المطلق؛ أو أن يماثله قدرةً وعلمًا، وهذا أيضًا مستحيل؛ فقوله تعالى: {الله أحد} أي: أحد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله؛ وهو {الصمد} أي: الذي يلجأ إليه الناس في حوائجهم؛ {لم يلد} أي: لم يتفرع عنه شيء؛ {ولم يولد} أي: لم يتفرع هو عن شيء؛ لأنه لم يكن معدومًا في وقت من الأوقات؛ ولأن الوقت مخلوق له؛ {ولم يكن له كفوًا أحد} أي: لم يكن له شبيه ولا نظير ولا مكافيء في وجوده، ولا حياته، ولا ذاته، ولا أسمائه، ولا صفاته، ولا أفعاله؛ فمن ظن بعلمه، أو أراد من عقله أن يحيط بذات الله سبحانه: فليطلب لنفسه أن يكون أزليًّا لا شيء قبله، أو أبديًّا لا زوال له؛.... حتى يُرَى له عذر إذا أقدم على الظن بأن عقله الحادث قادر على الإحاطة علمًا بعلم الله، أو الإحاطة علمًا بقدرة الله، فضلًا عن الإحاطة علمًا بذات الله سبحانه {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (سورة البقرة: 24)
- ونعيد القول: فإذا كان المرء لا يحيط علمًا بمخلوق مثله، كعدد خلايا جلده، وعدد شعره، وطول كل شعرة، ومقدار سمكها، ونبضات قلبه، وأنفاس صدره، وسريرة نفسه، ولا يضر ذلك علمَه بأن هذا الشخص بعينه هو فلان، وأنه عدو أو صديق، وأنه طبيب، أو عامل، أو مزارع..... فكذلك لا يضر علمَه بالله وإيمانَه به: عدمُ إدراكه لذات الله تعالى ووجوده وصفاته وأفعاله سبحانه على سبيل الإحاطة؛ وكما أن العالِم من علماء الطبيعة = مع كونه عالِمًا = لا يحيط علمًا بجميع جوانب علوم الطبيعة تلك وشعبها وتخصصاتها؛ ولا ينفي عدم إحاطته ما عنده من المقدار العلمي الذي يوصف به بأنه ((عالم)) في الكيمياء أو في الفيزياء أو في الطب؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: فليستعذ بالله ولينته. فالله سبحانه لم يخلق العقل لكي يكون محاطًا به، فهذا محال في العقل نفسه، بل لكي يعلم وجوده ويقر به، ولم يخلق الزمان ولا المكان لكي يكون محكومًا بمقياسه؛ كمن صنع آلةً حاسبةً تجري عمليات حسابية من تسع أرقام فقط، لم يستطع أن يجري بها عمليات فوق مقدرتها، وكان مقدار العمليات الحسابية التي يجريها في إطار مقدرتها صحيحًا.
- ثامنًا: ومن الأدلة على أن الله سبحانه هو الذي يحكم المكان والزمان وأنه لا يحكمه شيء من ذلك: إخبار الله عز وجل في وحيه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم عن أقدارٍ له قدرها على خلقه: أنها ستحدث في أزمنة لاحقة لهذه النبوءات، ثم لتقع هذه الأقدار في الأزمنة اللاحقة على وفق ما كان أخبر به جل شأنه، فهذا الخرق لقانون الزمان والمكان مما يقطع بأنه سبحانه لا يجرى عليه قانون المكان ولا الزمان، وأنه سبحانه هو خالق الزمان والمكان، المحيط بهما، الحاكم القاهر لهما ومن فيهما.
- فالله جل شأنه: حق، والرسل عليهم السلام: حق، ولَمّا أرسل الله سبحانه رسله أيدهم بأنواع من المعجزات والآيات البينات يثبتون بها صحة دعواهم النبوة والرسالة، وأن من أرسلهم هو خالق هذا الكون ومقدر زمانه ومكانه، لا سيما سيد ولد آدم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يصدقهم الناس، ويذعنوا لهم ويطيعوا أمرهم، ومن جملة هذه المعجزات التي أيدهم الله بها: أن يطلعهم سبحانه على بعض المغيبات، ليخبروا بها الناس، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (سورة الجن: 26، 27) حتى إذا وقعت هذه المغيبات وصارت شهادة، كانت تثبيتًا لمن آمن بالرسل وصدّقهم، وحجةً على من عاندهم وجحد نبوتهم، وكفر بوحي الله الذي أنزله عليهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (سورة آل عمران: 179) ولذلك أرشد صلى الله عليه وسلم من أتاه وسواس التسلسل أن يقول: «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ».
- ومن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ في قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» (رواه أبو داود وأحمد)
- وعن أبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ لَهَرْجًا. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: الْقَتْلُ. [وفي لفظ: الْقَتْلُ وَالْكَذِبُ]. فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَقْتُلُ الْآنَ فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا؛ حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَذَا قَرَابَتِهِ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعَنَا عُقُولُنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا؛ تُنْزَعُ عُقُولُ أَكْثَرِ ذَلِكَ الزَّمَانِ؛ وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ مِنْ النَّاسِ لَا عُقُولَ لَهُمْ؛ [وفي لفظ: يَحْسَبُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ]. روه أحمد وابن ماجة والحاكم في المستدرك وأبو يعلى والبزار وابن أبي شيبة.
- وفي نبوءات نبينا عليه السلام كتبٌ قد صنفت.
- والحمد لله أولًا وآخرًا.