شبهة زواج الاخوة بين ابناء ادم

-. جواب مَن قال من الملاحدة: أنتم تحرمون زواج الأخ بأخته فكيف يبيحه الله للأخوة الأُوَل من بني آدم
-
- ههنا أمور مهمة:
- أولًا: أن الحكم على نكاح الأخوات في زماننا بأنه حرام: هو عندنا ليس حكمًا من إله غير الذي أباحه في بنات آدم الأولى.
- ثانيًا: أن المصلحة في زواج الأخ الأول من أخته الأولى ليست بخافية على فهم أحد؛ فلولا ذلك ما كان هناك نسل ولا ذرية ولا خلافة في الأرض كما أراد الله.
- ثالثًا: أن الحديث النبوي يقضي بأن خلقتنا نحن ليست مثل خلقة الأخ الأول الذي أباح الله له ذلك؛ فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم عليه السلام كان طوله ((ستين ذراعًا)). (رواه البخاري ومسلم)
- رابعًا: أن ذلك الاختلاف في خلقة الأخ الأول ليس بأعجب من خلق الله لآدم عليه السلام من طينة الأرض؛ فهو عليه السلام بعد خلقته ليس هو الطين.
- وليس بأعجب من أن يخلق الله ((الأنثى)) حواء من ضلعه عليه السلام وهو ((ذكر)). قال تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} (سورة آل عمران: 36) فليست نفسيته ولا خلقته ولا وجدانه كهي.
- وإذن فأقرب من ذلك أن يخلق الله جل شأنه الأخوين من أب وأم: ثم يجعل فيهما من الخاصية: أن يقبلا التزاوج ببعضهما نفسيًّا وبدنيًا.
- فالله يفعل في خلقتنا ما يشاء؛ قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ((مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)) سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (سورة القصص: 68)
- وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ ((مَا شَاءَ)) رَكَّبَكَ} (سورة الإنفطار: 6- 8)
- وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ((يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ)) وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (سورة الروم: 54)
- وقال تعالى : {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ((وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ)) وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (سورة المائدة: 60)
- فإذا قبلت هيئة الإنسان أن يكون قردًا بغضب من الله؛ أو قبلت هيئة القرد أن يكون إنسانًا بحسب زعم الملاحدة = مع العلم بأن القردة والإنسان لا يتزاوجان أصلًا =: كان أقرب من ذلك أن يجعل الله في الإنسان من الخاصية التي يتزوج بها الأخ الأول أخته الأولى ((إلى حين)).
- ومنه أن بلوغ الطفل وحصول الميل في نفسيته ووجدانه إلى الجنس الآخر مرتبط ببعض ((الهورمونات)) التي يقدر الله إفرازها في جسمه؛ وهذه الغدد التي تفرز هذه الهورمونات تعمل وتتوقف؛ وإذا توقفت هذه الهورمونات أو زادت أو نقصت فقد تؤثر في ذكورة الفرد وأنوثته ووجدانه وميله.
- بل ومن المعلوم أن بعض المواد والأطعمة التي تدخل الجسم من الخارج قد تؤثر في ذلك أيضًا.
- فالبلوغ والميل الجنسي لم يخلقه ولم يقدّره الإنسان في نفسه؛ ولا اختيار له في وجوده فيه أو انعدامه بعد حين.
- وقريب منه أن الإخوين من أب وأم تميل صورة أحدهما ولونه وصوته إلى أعمامه، والآخر إلى أخواله؛ ولا يخرجهما ذلك عن كونهما أخوين من أب وأم.
- وأكثر من ذلك ما أجراه الله من الآيات في بعض النساء؛ كما أخرج عيسى عليه السلام من ضد نوعه دون سبب طبيعي وهي أمه العذراء مريم عليها السلام.
- وكما أخرج الابن من سبب أشبه بالعدم حيث أنتجه بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر؛ فلما ألقت الملائكة البشرى بنبي الله يحيى إلى أبيه زكريا عليهما السلام: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ((وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)). قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} (سورة مريم: 8؛ 9) وكما هو في إنجاب إسحاق بين إبراهيم الخليل من زوجه سارة عليهما السلام؛ قال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ. قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ ((وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا)) إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (سورة هود: 71- 73)
- فأصل الأمر هو وجود الفاعل، وإرادته في خلقه، وقدرته على ما أراد، وحكمته وعلمه بما أراد وفعل؛ فكما جعل من الطينة الواحدة إنسانًا ذكرًا وأنثى، فكذلك يجعل من الأب الواحد ذكرًا وأنثى يصح أن يتزاوجا وينفي عنهما الموانع.
- وهو كما يجعل في الإنسان من الخاصية إذا دخل الجنة أنه ((لا يتبول ولا يتغوط)) بل يخرج طعامه على صورة جشاء ((هواء من الفم بسبب امتلاء معدته)) أو على صورة عرق أطيب من المسك.
- عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ ((وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ)) وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ؛ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ ». (رواه مسلم وأحمد)
- ثم:
- هل حرم المسلمون في الأصل ذلك لأنه شيء أنفوا منه: أم لأن الله الذي أباح لهم الزواج على صفة معينة: هو الذي حرم عليهم ذلك؟
- يعني: لو لم يكن هناك دليل شرعي على تحريم الأم والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وغيرهن من المحرمات: فهل كان يحرم ذلك؟
- الجواب : لا.
- ولو فرض في الإسلام أن الله كان جعله حلالًا: فاعتقادنا أنه = إن كان =: فلن يكون منه أي ضرر نفسي أو بدني بحسب الخلقة؛ لأن من شرع الإسلام هو مَن خَلَقَ الآدمي.
- هذا مجرد افتراض.
- وله شاهده في الواقع: وهو أن أنواع الحيوانات لا تمتنع عنه؛ وليس فيه ضرر نفسي أو بدني فيها ولا في سلالتها.
- يقول الملحد: أنت بذلك يا مسلم تشبه الإنسان بالحيوان.
- يقول المسلم: هذا وهذا مخلوق من مخلوقات الله؛ وهو مجرد مثال للتقريب: أن ذلك جائز عقلًا إن أراده الله؛ وإن كان في الواقع قد حرمه الله ((لمضرة)) جعلها فيه.
- و((لمصلحة)) أرادها من تحريمه؛ وهو أن أولاد آدم سيفترقون شعوبًا وقبائل؛ فأراد الله سبحانه أن تكون بينهم رابطة ((المصاهرة)) لتترابط العائلات: وهو ما لا يحققه أن يجعل كل أسرة تكتفي ذكورها بإناثها إذا جعل خلقتهم وأنفسهم تقبل ذلك كما هو في الحيوانات والبهائم.
- وأخيرًا: فليس في الإلحاد الذي تهرب إليه أيها الملحد شيء يحرم أي شيء، ولو زواج الأمهات والأخوات والبهائم.
- بل إن بعض الملاحدة إلى في زماننا يتزوجون أخواتهم في حفلات إشهار في روسيا، وهذا معلوم.
-
- ولا حول ولا قوة إلا بالله.