الجمعة، 16 سبتمبر 2016

شبهة سورة الاحزاب مثل سورة البقرة

جواب مَن طعن في حفظ القرآن الكريم من رب العالمين بما رواه الإمام أبو عبيد بن سلام في فضائل القرآن، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن.
- وقال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن المبارك بن فضالة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال: قال لي أبي بن كعب رضي الله عنه: كم تعد سورة الأحزاب؟ قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثلاثة وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم.
-
1- الروايتان غير صحيحتان:
- فهو رواه من طريق عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي. قال الإمام الذهبي في الميزان: قال ابن معين: ضعيف لا يحتج به. وقال الحميدي عن يحيى بن سعيد: أنه كان لا يراه شيئًا. وذكره الإمام ابن عدي في الكامل في الضعفاء، وروى عن يحيى بن سعيد قال: قال لي بشر بن السري: لو رأيت بن لهيعة لم تحمل عنه حرفًا.
- وأما الثانية: فهي من طريق المبارك بن فضالة. قال الإمام ابن حجر في التقريب: مبارك بن فضالة بفتح الفاء وتخفيف المعجمة أبو فضالة البصري صدوق يدلس ويسوي. انتهى وهو عنعن [أي: قال: عن] هنا عن عاصم بن أبي النجود، قال الإمام ابن حجر في التقريب: عاصم بن بهدلة وهو بن أبي النجود بنون وجيم الأسدي مولاهم الكوفي أبو بكر المقرىء صدوق له أوهام حجة في القراءة. انتهى
2- نسخ تلاوة آية واحدة: مثل نسخ تلاوة آلف آية، ولا فرق، فما الذي يضر الدين لو أن الله تعالى كان قد نسخ تلاوة سورة الأحزاب بكاملها؟
- الجواب: لا شيء، طالما كان المتلو من القرآن: قد أُثْبِتَ فيه بأمر الله؛ وما نُسِخَ منه: قد نسخ منه بأمر الله.
- فما يقال له: ضاع، أو ذهب، أو أُسقِط: هو نسخ من الله لتلاوة آية أو آيات؛ لا يصح أن تحمل هذه التعبيرات إلا على ذلك، لأن المنسوخ هو قرآن نعم؛ لكن لم يتعبدنا الله بتلاوته، ولم يلزمنا سبحانه بحفظ نصه، وإن ألزمنا أحيانًا بحفظ أحكام بعض ما نسخ لفظه، فالفاعل للنسخ هو الله. كما أن منزله قبل رفعه هو الله سبحانه.
- قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (سورة الحجر: 9) فالآية مانع صريح أن يكون المراد بقولهم: رُفِعَ أو سقط، أو لم نقدر إلا على كذا: ضياع شيء من القرآن؛ ولكن أراد: نسخ الله منه وأنسَى المسلمين منه ما شاء.
3- لا يقال بامتناع حصول النسخ والإزالة لآية أو آيات من كتاب الله، احتجاجًا بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (سورة الحجر: 9) فقد قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا....} (سورة البقرة: 106) فعلمنا أنه ليس المراد: هو الإبقاء على التلاوة لجميع ما أنزل الله منه، فالنسخ والإنساء واقع شرعًا وقدرًا بنص كلام الله، وإنما المراد: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} أن يدخل عليه ما ليس منه، أو ينسخ منه ما لم نشرع نسخه.
4- أن تواتر القرآن بدون تلك الآيات يدل بالضرورة على ((إجماع الصحابة)) أنها منسوخة؛ فتواتر الرواية بدونها، مع ثبوت علمهم بها: هو نفسه تواتر لثبوت نسخها؛ والمسلمون لم يزالوا أفرادًا وجماعات يختمون القرآن ((بإسنادهم)) من أوله إلى آخره ليلًا ونهارًا بدونها.
5- ولذلك ذكر الإمام السيوطي هذا الحديث في الإتقان في علوم القرآن: في نوع: ((ما نسخ تلاوته دون حكمه)).
- وذكره الإمام أبو عبيد في باب: ما رفع من القرآن بعد نزوله، ولم يثبت في المصاحف.
6- وما رفعه الله من القرآن من الأحكام: إما أن يتم نسخه بحكم آخر يُثبَتُ في آية أخرى في المصحف، وإما بحفظ حكمه في السنة، لقوله تعالى: { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ((أَوْ مِثْلِهَا)) ....} مع قوله صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ((ومثله)) معه. (رواه أبو داود والترمذي وغيرهما)
- فعلمنا أن ذلك المثل هو السنة، لاستوائها مع القرآن في إيجاب الطاعة بنص القرآن، في قول الله تعالى:. {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (سورة النساء: 80)
- فإما أن يأتي الله بحكم أكمل وأوفق وأرفق ويزيل حكم الآية الأولى مع إبقاء تلاوتها، كما تدرج بالتشريع في تحريم الخمر، وإما أن يزيل تلاوتها ويُبقِي نفس حكمها في السنة، أو يزيلها ويأتي بالأخْيَرِ والأكمل منها في السنة.
- وقد اختلف العلماء في جواز نسخ السنة للقرآن، والصحيح جوازه، قال الإمام ابن عطية في تفسيره: وحذاق الأئمة على أن القرآن ينسخ بالسنة، وذلك موجود في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث».
- وقال الإمام محمد بن علي الشوكاني في إرشاد الفحول: اعلم أنه قد اتفق من يعتد به من أهل العلم على: أن السنة المطهرة: مستقلة بتشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام، وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه" أي: أوتيت القرآن وأوتيت مثله من السنة التي لم ينطق بها القرآن .... قال الأوزاعي: الكتاب أحوج إلى السنة: من السنة إلى الكتاب. قال ابن عبد البر: إنها تقضي عليه، وتبين المراد منه. وقال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب. والحاصل: أن ثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام: ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك: إلا من لا حظ له في دين الإسلام. انتهى
7- والنسخ لتلاوة آية أو آيات لم يقع إلا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم،لأن القرآن إنما تلقي عنه، والصحابة ليس لهم من الأمر شيء في ذلك، بل ولا النبي صلى الله عليه وسلم، والآية نص صريح في أن إيقاع النسخ لتلاوة آية، أو لحكم في آية: ليس واردًا إلا عن الله سبحانه.
- وعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. (رواه البخاري) الدفتين: الجلدتين اللتين على جانبي المصحف.
- قال الإمام بن حجر في الفتح: وقد أخرج ابنُ الضَّرِيسِ من حديث بن عمر: أنه كان يكره أن يقول الرجل: قرأت القرآن كله؛ ويقول: إن منه قرآنًا قد رفع. وليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب [يقصد: حديث عبد العزيز بن رفيع]: لأن جميع ذلك ((مما نسخت تلاوته في حياة النبي صلى الله عليه وسلم)).
- وقال الإمام السيوطي في الإتقان: وقال أبو بكر الرازي: نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه، ويرفعه من أوهامهم، ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف، فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة .... ((وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي)). انتهى
- وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ....} قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى [يقصد التي فيها: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .... سورة البقرة: 234] فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ = أَوْ [فَلِمَ] تَدَعُهَا؟ = ((قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ)). (رواه البخاري والبيهقي)
- قال القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار: الذي نذهب إليه: أن جميع القرآن الذين أنزله الله، وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته بعد نزوله: هو الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان? وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه شيء، وأن ترتيبه ونظمه: ثابتٌ على ما نظمه الله تعالى، ورتب عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم. انتهى
- وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء: أن ما في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه: وهو الذي بأيدي المسلمين اليوم في أقطار الأرض حيث كانوا: هو القرآن المحفوظ الذي لا يجوز لأحد أن يتجاوزه، ولا تحل الصلاة لمسلم إلا بما فيه .... وإنما حل مصحف عثمان رضي الله عنه هذا المحل: لإجماع الصحابة وسائر الأمة عليه، ولم يجمعوا على ما سواه. وبالله التوفيق. انتهى
8- فإن قيل: ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم، وهلا بقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟
- فالجواب: هو تكريم للأمة إذ استأمنها الله على حفظ أحكامه، فيما أوكل إليها حفظه من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم: فقامت به على أكمل الوجوه؛ فوق كونه تخفيفًا لا يضر في المثوبة، لأن الثواب تحصل زيادته بتعاهد تكرار التلاوة لما هو بين أيدينا، كما يحصل بذلك الزيادة في درجة تثبيت الحفظ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم في سورة قل هو الله أحد: والذي نفسي بيده: إنها لتعدل ثلث القرآن. (رواه البخاري ومسلم) وقام ليلة بآية يرددها حتى أصبح. (رواه أحمد) وقال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ: فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ: أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» (رواه الترمذي) فالاعتبار في باب المثوبة على التلاوة: يكون بموضوع الآية أو السورة، ويكون بتعاهد التلاوة، والمهارة فيها.
-
- والحمد لله أولًا وآخرًا.

هناك تعليق واحد:

  1. لقد تغيرت حياتي تمامًا عندما التقيت بمؤسسات القروض الائتمانية بالصدفة على الإنترنت! حول كيفية تقديم قرض جيد عبر الإنترنت بفائدة 2٪ وقررت أن أطلب قرضًا في أسرع وقت ممكن. يجب أن تتجاهل كل مقرضي القروض هؤلاء، لأنهم جميعًا عمليات احتيال ... عمليات احتيال حقيقية ... لقد كنت ضحية لسرقة آلاف الدولارات مني ... لكن (loancreditinstitutions00@yahoo.com) whatsapp: +393512640785.
    وافقوا على قرضي بنسبة 2% فقط في غضون 48 ساعة بعد تلبية متطلباتهم الضرورية، وتم إيداع قرضي في حسابي البنكي بدون ضمانات.

    أنصح أولئك الذين جربوا كل ما هو ممكن وفقدوا الأمل في كيفية اقتراض الأموال من البنك أو البحث عن قرض لتعزيز أعمالهم وفقدوا الأمل في الاتصال بـ (loancreditinstitutions00@gmail.com) Whatsapp: +393512114999. أنا أثق بهم تمامًا ولا تترددوا في الاتصال بهم.

    محمد ورد أرسل من الآيباد الخاص بي

    ردحذف