الجمعة، 25 مارس 2016

معنى اية وامرءة وهبت نفسها

الرد على من طعن في نبوته صلى الله عليه وسلم بقول الله تعالى: {.... وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ....} (سورة الأحزاب: 50)
- قال: لا يكون لنبي هوى في شيء؛ ولا ينزل تشريع يوافق هواه؛ فالتشريع من عنده لا من عند الله.!!
-

عندما ينتقد الملحدون القرآن - يفكرون في كلماته من واقع الإباحية المحتلة لعقولهم هذا إن كان لديهم عقول..
فالملحد العربي الذي تأكل الإباحية عقله (لأنه ليس عنده حلال وحرام) حتى يصير يفكر في كل شيء بمنطلق الإباحية - ولذلك عندما تقرأ مثل هذه العقول قول الله عز وجل في سورة الأحزاب..عندما اجتمع نساء النبي عليه في النفقة (يعني لزهده في الحياة صلى الله عليه وسلم وسؤالهن له في النفقة) فخيرهن الله تعالى بين البقاء معه أو تطليقهن وإعطائهن حق الطلاق - ثم عرض الله تعالى في الآيات ما يحل للنبي أن يتزوجهن فكان من ضمن ذلك حالة خاصة للنبي وهي : أن تهب امرأة مؤمنة نفسها له بغير مهر ولا ولي أمر لأن النبي مؤتمن على نساء المؤمنين جميعا. يقول عز وجل : " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين " الأحزاب 50.
هنا نخرج من الآية بمعلومتين الأولى : أن الهبة تكون من المرأة نفسها للنبي (إن وهبت نفسها للنبي) . وليس كما قال الملحد الذي يدعي على النبي قوله (هبي نفسكي لي) يبدو أنه سمعها من الأفلام الهابطة !!!! وأما المعلومة الثانية : فهي أن ذلك خاص برسول الله فقط من ضمن خصوصيات كثيرة يعرفها أصغر طالب علم من القرآن والحديث - مثل أن قيام الليل عليه واجب بعكس باقي المؤمنين - ومثل صيامه يومين أو أكثر متواصلين بغير إفطار ونهى المسلمين عن تقليده في ذلك ومثل جمعه لأكثر من 4 زوجات وغير ذلك .
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله "خالصة لك من دون المؤمنين " يقول ليس لأي امرأة أن تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كانت خاصة له صلى الله عليه وسلم من دون الناس.

وأما ربط ذلك بالدين : فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر.. والإنسان إذا لم تتوفر له الراحة في بيته لن يستطيع العطاء لا في الدعوة ولا غيرها - وحديث اجتماع زوجات النبي عليه في النفقة هو حديث شهير وهو سبب كل هذه الآيات الخاصة بالنبي من سورة الأحزاب - ولا أتعجب من ألا يعرفه أمثالك أصلا - ويعرف كل من قرأه كيف كان النبي زاهدا في بيوتاته كلها رغم كل ما كان يأتيه من الغنائم (وكان للرسول الخمس فينفقه كله على المحتاجين بنص القرآن !!) والأحاديث في كرم النبي كثيرة - واختار لنفسه معيشة الكفاف باعتراف زوجاته ومثل حديث أمنا عائشة الشهير - وأظنك لا تدري به أيضا - أنه كان يمر الهلال تلو الهلال تلو الهلال : ثلاثة أهلة في شهرين ما يوقد في بيت النبي نار !!!..
يقول عز وجل في سورة الأحزاب لما أراد أن يبين لزوجات النبي أن الأمر واسع له في الزواج بغيرهن : " ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ((((و)))) بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك ((((و)))) امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما * ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما ("

فلما اختارت زوجات النبي ما عند الله ورسوله واخترن حياة الزهد معه ابتغاء فضل الدنيا والآخرة : أكرمهن الله تعالى قائلا لنبيه في الآيات التالية :"( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا )"
ومن هذه الأحاديث نخلص بالتالي :

1- سقوط تهمة الشهوانية والمادية والجشع والطمع عن النبي .
2- أن زهده لم يكن تمثيلا ولا دعاية رخيصة بل عانت منه نساؤه كلهن.
3- أنهن اجتمعن عليه في طلب النفقة حتى اضطروه لاعتزالهن 29 يوما !!.
4- نزلت آيات سورة الأحزاب تخييرا لزوجاته بين زينة الدنيا وبين البقاء معه.
5- واستعرضت الآيات ما يحل له الزواج غيرهن فذكرت مما ذكرت زواج الهبة.
6- فاخترن زوجاته ما عند الله ورسوله ورضين بزهده صلى الله عليه وسلم.
7- وثوابا لهن صار محرما على النبي تطليق إحداهن أو استبدالها بأخرى.
1- الزواج شرع، والشرع فرع على الاعتقاد بأنه رسول الله؛ فإذا كانت دلالة النبوة والمعجزات الشاهدات بأنه رسول من الله: قائمة: فاحتمال البطلان في ((الفرع)) المباح وهو ((الزواج من امرأة فوضت أمرها في الزواج إليه)) الذي قام الدليل على صحة ((أصله)) وهو ((الاعتقاد بأنه رسول الله)): هو احتمال فاسد يصل إلى حد الهراء. فهذا أصل مهم جدا؛ ومنه:
2- أن الرسول لا يستدل أحد على رسالته بزواجه أو بعدمه، كما لا يستدل على رسالته بكونه وُلد له أم لا، فالاستدلال إنما يكون بالصدق في البلاغ وآيات النبوة؛ وبعد ذلك ليختص الله رسوله بما شاء من نعمة فهو حلال له.
3- أن تابع الرسول لن يطلب أن يكون مثله في درجته أبدًا، وهو لا يطلب ذلك مع من تقدم عليه ممن ليس بنبي، فمَن من أتباع الأنبياء في أي شرعة شرعها الله طلب من الله أن يكون مثل نبي الله في أي شيء؟!! 
4- أنه إذا كان الله قد ائتمنه على الكلام فيما يتعلق بذاته وصفاته وأفعاله وبدء خلق العالم ونهايته، فلن تقع ريبة عند أهل الإيمان به إذا أخبر بأن الله أباح له ما لم يبح لأمته في هذا الشأن.
5- أن المسلم واليهودي والنصراني إذا كان يقر بأن الله خالق البشر رجالًا ونساءً: فهو ((المالك لهم)) وإذا كان هو المالك لهم: فيصح أن يكون ((وَلِيًّا)) على ما يملك.. فيحل ويحرم، ويعطي ويمنع.
6- وهو أشبه شيء بتزويج أبينا آدم من أمنا حواء بمجرد أن الله خلقها له، وأخبرهما بذلك؛ فوليها الذي أهداها له هو الله خالقها.
7- ومنه أنه إذا ثبتت النبوة ((فولاية النبي صلى الله عليه وسلم)) عند من آمن به، أو آمنت: ((أعظم من ولاية الأب)) ولذلك حرم الله التزوج بنساء نبيه صلى الله عليه وسلم من بعده، كما حرم زواج الابن بزوجة الأب.
- والتشريع لهذا الحكم إنما ورد منبهًا على هذا الأمر حين توجه الخطاب الإلهي بصفة النبوة له صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا ((النَّبِيُّ)) .... وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ((لِلنَّبِيِّ)) إِنْ أَرَادَ ((النَّبِيُّ)) .....} (سورة الأحزاب: 50) 
- ونبه على أن هذا التشريع لا حرج منه في نفس من آمن به، وثبت عنده صدق الرسالة، فقال تعالى: {.... وَامْرَأَةً ((مُؤْمِنَةً)) إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا .... خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ ((الْمُؤْمِنِينَ)) ....} (سورة الأحزاب: 50)
8- فإثبات النبوة بدلائلها هو أصل الأصول عند المسليمن؛ وإذا ثبتت النبوة فهي دليل قائم بنفسه فنستدل به لا له.
- فمن المنطق المقلوب عند النصراني والملحد أنه يتكلم في التشريع رافضًا له وهو فرع، مع كون الأصل هو أن الله هو من شرع ذلك لرسوله، مما يوجب التسليم والقبول به، فإذا ثبتت نبوة الرسول: فقد وجب قبول هذا الحكم، وإذا سقطت نبوته: لم يُقبَل هذا التشريع ولا غيره، فلا بد من التسليم الجدلي من الخصم عند سؤاله بصحة النبوة وهو يسأل؛ وهو إذا افترض ثبوت النبوة جدلا: سقط سؤاله، بل سقطت معظم أسئلته وهو لا يشعر، ولكنه يفترض أولا عدم ثبوت النبوة؛ ثم يريد من المسلم أن يسلم له جدلًا بأن رسول الله ليس برسول؛ وأن يفترض نفسه مثل الرسول في كل شيء، ثم يحاول بعد ذلك أن يجيب عن اعتراض الخصم وأن يثبت له الرسالة في باب التشريع وهو ((فرع)) بعد أن يسلّم له بأنه ليس برسول فيبطل ((الأصل)). ولا حول ولا قوة الا بالله.
- فلو استطاع شخص مسلم أن يجيب عن اعتراض المعترض على النبوة مع هذه المقدمات المقلوبة، ويثبت له في إطارها أن محمدًا رسول الله: لاستطاع أن يثبت نبوة نفسه له.
8- وقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}
- قد أباح الله ((للنبي)) صلى الله عليه وسلم أن يتزوج من امرأة ((مؤمنة ظاهرًا وباطنًا به رسولًا)) و((بالقرآن تنزيلًا)) و((بأحكامه تشريعًا)) إن وهبت نفسها له.. وأراد هو أن يتزوجها؛ فللمرأة أن تعرض نفسها عليه ولها أن لا تعرض، فهو أمر مباح معلق بشرط ((أن تعرض المرأة نفسها عليه)) وهذا الشرط لا دخل له صلى الله عليه وسلم فيه؛ وله صلى الله عليه وسلم أن يقبل وله كذلك أن لا يقبل.
- وظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ههنا مرغوب لا راغب ومرجو لا راج.
- وكما قلنا: الله سبحانه لم يشترط الولي في زواج رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إذا ثبتت الرسالة فالله ((عند أهل الإسلام)) هو وليها في هذا الزواج.
9- وقوله تعالى: {لكي لا يكون عليك حرج} = والله أعلم = أي: ذكرنا حل هذا الزواج وأنه خالص لك من دون المؤمنين بكلامنا نصًّا في القرآن، {لكي لا يكون عليك حرج} في أن تخبر به بكلامك أنت. قال الإمام ابن عطية: {لكيلا يكون}، أي: بينا هذا البيان، وشرحنا هذا الشرح: لكي لا يكون عليك حرج، ويظن بك أنك قد أثمت عند ربك، ثم آنس جميع المؤمنين بغفرانه ورحمته.
10- وأيضًا: فإن من رغبت في رجل ذو دين حتى عرضت نفسها عليه ((فهي أطوع له)) وأشد حرصًا على مرضاته من غيرها، لذلك شرع الله لنبيه ذلك، ومن عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم: فما فعلت ذلك لحظ نفس يبغضه الله أو يخالف أمره، بل يترتب على تزويجه بها تحملها لعلم الشريعة عنه، ومعرفتها لما بطن من أحواله أسوة بنسائه رضي الله عنهن، ورفعة منزلتها في الدنيا والآخرة، فطلبها لذلك يدخل فيه طلب التفقه في الدين والعلم، فوق التعفف بالزواج من رجل صالح.
11- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بامرأة ممن وهبن أنفسهن له رضي الله عنهن:
- وقع خلاف: هل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من امرأة وهبت نفسها له أم لم يقع ذلك؛ فقال الشعبي: هي زينب بنت خزيمة الهلالية، يقال لها: أم المساكين. وقال قتادة: هي ميمونة بنت الحارث. وقال علي بن الحسين، والضحاك ومقاتل: هي أم شريك بنت جابر من بني أسد. وقال عروة بن الزبير: هي خولة بنت حكيم من بني سليم.
- قال الحافظ ابن حجر في الفتح: و((المحفوظ)) أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده واحدة ممن الواهبات، وهو قول ابن عباس ومجاهد.
12- وأخيرًا: فباعتبار حال السائل:
- أما الملحد فإلحاده لا يشرع له شيئًا ولا يمنعه من شيء، فلا يمنعه مثلا من الزنا ولا من الزواج بأمه أو أخته أو أبيه أو أخيه أو زوجة صاحبه أو بصاحبه طالما كان الرجل راضيًا: بولي أو بغير ولي.. بعقد أو بغير عقد.. بشهود أو بغير شهود.. في البنيان أو على الشواطئ أو في الصحراء.
- وأما النصراني فاعتقاده يمنعه من الزواج بأكثر من امرأة: وكتابه يخبره أن سليمان بن داود تزوج بألف امرأة، كما في سفر الملوك الأول [11: 3] وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري فأمالت نساؤه قلبه.
- فبحسب اعتقاد أهل الكتاب: أن الذي شرع لسليمان الألف هو من منعهم من الزيادة عن الواحدة ولا اعتراض عندهم.!!
- فإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم مع حل ذلك له، لم يدخل بواحدة من الواهبات على الصحيح، ولا جمع هذا العدد: فعن أي شيء يسأل هؤلاء؟ !!
-
- والحمد لله أولًا وآخرًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق