كتب أحد النصارى أن عراة ركبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم !
واستدل بالرواية التالية:
قال الإمام أحمد في مسنده
{ حَدَّثَنَا عَارِمٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ، عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ: الْبِكَالِيَّ يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ – قَالَ عَمْرٌو إِنَّ عَبْدَ اللهِ -، قَالَ: اسْتَتبْعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَخَطَّ لِي خِطَّةً، فَقَالَ لِي: ” كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ ” . قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَذَفَةً ، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا كَأَنَّهُمْ الزُّطُّ (قَالَ عَفَّانُ: أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ: إِنْ شَاءَ اللهُ) : لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْآتِهِمْ، طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ ، قَالَ: فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ: وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ . قَالَ: وَجَعَلُوا يَأْتُونِي فَيُخَيِّلُونَ، أَوْ يَمِيلُونَ حَوْلِي، وَيَعْتَرِضُونَ لِي . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا . قَالَ: فَجَلَسْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَعَلُوا يَذْهَبُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا، أَوْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ وَجِعًا، مِمَّا رَكِبُوهُ . قَالَ: ” إِنِّي لَأَجِدُنِي ثَقِيلًا “، أَوْ كَمَا قَالَ . فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي . أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ : ثُمَّ إِنَّ هَنِين أَتَوْا، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ طِوَالٌ . أَوْ كَمَا قَالَ، وَقَدْ أَغْفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ أَشَدَّ مِمَّا أُرْعِبْتُ الْمَرَّةَ الْأُولَى – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا الْعَبْدُ خَيْرًا، أَوْ كَمَا قَالُوا: إِنَّ عَيْنَيْهِ نَائِمَتَانِ، أَوْ قَالَ : عَيْنَهُ، أَوْ كَمَا قَالُوا: وَقَلْبَهُ يَقْظَانُ، ثُمَّ قَالَ: – قَالَ عَارِمٌ وَعَفَّانُ -: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلُمَّ فَلْنَضْرِبْ لَهُ مَثَلًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُؤَوِّلُ نَحْنُ، أَوْ نَضْرِبُ نَحْنُ وَتُؤَوِّلُونَ أَنْتُمْ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ سَيِّدٍ ابْتَنَى بُنْيَانًا حَصِينًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ بِطَعَامٍ، أَوْ كَمَا قَالَ . فَمَنْ لَمْ يَأْتِ طَعَامَهُ، أَوْ قَالَ: لَمْ يَتْبَعْهُ، عَذَّبَهُ عَذَابًا شَدِيدًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ الْآخَرُونَ: أَمَّا السَّيِّدُ: فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْبُنْيَانُ: فَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَالطَّعَامُ: الْجَنَّةُ وَهُوَ الدَّاعِي، فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ فِي الْجَنَّةِ . – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: أَوْ كَمَا قَالُوا، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ عُذِّبَ، أَوْ كَمَا قَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: ” مَا رَأَيْتَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ؟ ” فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا خَفِيَ عَلَيَّ مِمَّا قَالُوا شَيْءٌ “، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ – أَوْ قَالَ – هُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ كَمَا شَاءَ الله}.(1)
ومحل استدلاله هو قوله:
فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وإليك الرد على هذا صاحب العقل المغيّب :
أولا: هذه الرواية لا تصح من جهة الإسناد:
فسند الرواية يقول:
(حَدَّثَنِى أَبُو تَمِيمَةَ عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ الْبِكَالِىَّ – يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ…).
وعمرو البِكالي لم يسمعْ من عبد الله ابن مسعود فيكون الحديث منقطعاً .
قال البخاري: ولا يُعرف لعمرو سماعٌ من ابن مسعود.(2)
ثانيا: العلماء يقولون بضعف الرواية:
1- فقد قال البخاري بعد ذكره لنفس الرواية: ولا يُعرف لعمرو سَمَاعٌ من ابن مسعود.(3)
وهذا تضعيفٌ ضمنيٌ من البخاري للرواية لأنَّ عدم سماع عمرو البكالي من ابن مسعود يعني الانقطاع ، والانقطاع علّة تقدح في سند الرواية.
وقد يقال أن بعضَ العلماءِ يقولون أن عمرو البكالي له صُحبة وهذا لا يضر في الانقطاع.
فأقول: لا ، لأننا في الحالة لا نعرف يقيناً هل نقل عمرو البكالي هذه الرواية عن ابن مسعود بواسطة صحابي آخر أم بواسطة تابعي.
فإن كان بينهما صحابي فجهالة الصحابي لا تضر لأن الصحابة كلهم عدول .
وإن كان بينهما تابعي فجهالة التابعي تُضَعِّفُ الرواية لأن التابعين ليسوا كلهم عدولاً.
وطالما لم نعرف هل الواسطة صحابي أم تابعي فالرواية باقية على ضعفها حتى نعرف ونتبين.
2- قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: وفيه غرابة شديدة.(4)
3- وضعّف الروايةَ محققو مسند الإمام أحمد فقالوا: إسناده ضعيف.(5)
4- كما حكم عليها مُحَقِّقُ كتابِ التاريخ الأوسط للبخاري بالضعف فقال: إسناده ضعيف بما أعلّه البخاري به.(6)
ثالثا: الرواية على فرض صحتها ليس فيها ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليس في متن الحديث ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا
فليس في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعرّى مطلقاً أو فعل ما ذهبت إليه عقول النصارى المريضة .
قال الطبري في تفسيره:
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ؛
فقال بعضهم عَنى بذلك الجن أنهم كادوا يركبون رسول الله لما سمعوا القرآن.(7)
إذا فالعلماء عندما يذكرون هذه الرواية يتحدثون عن الجن وليس عن الإنس.
ومعنى يركب في اللغة واضح ومعروف
قال ابن منظور: { وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ }.(8)
ثم إن الحديث عن الجن أو عن الملائكة كما جاء في آخر الحديث وليس عن بشر عاديين .
وحينما أقول أن الجن ركب فلانا فأول ما يتبادر للذهن المستقيم أن الجن تلبّس به وليس أول ما يتبادر إلى الذهن السليم أبدا أن الجن فعل به كذا أو كذا.
ثم الحديث ذكر أن هؤلاء الجن ليس لهم أعضاء تناسلية بدليل قوله (وَلَا أرَى سَوْآتِهِمْ) فإن كان هؤلاء ليس لهم سوءة فكيف استطاعوا أن يفعلوا ما ذهبت إليه عقول النصارى؟!
وهل حينما يقال أن فلاناً ركب البحر يعني هذا أن فلاناً هذا فعل بالبحر الفاحشة ؟!
ولكن يبدو أن النصارى لا يفهمون من كلمة “يركب” إلا الجنس والشذوذ !
وربما يعود سبب هذا التفكير الجنسي لما في كتابهم من جنس ودعارة وشذوذ وحكايات غرامية وزنا للأنبياء والمحارم ووصف صارخ فاضح لأعضاء الأنوثة عند النساء وأعضاء الذكورة عند الرجال !
وعلى مذهب النصارى في فهم كلمة “يركب” أن كل من قيل عنه أنه ركبه الهَمُّ – الحزن -فيكون الهَمُّ قد فعل به الفاحشة !!
ومَن رَكِبَهُ الدَّيْنُ – أي يكون مديوناً – يكون الدَّيْنُ قد فعل به الفاحشة !!
وعلى هذا فَقِسْ ، فعقول النصارى تلتهب من الذكاء والعلم والأدب.!
ولعلّك لا تستغرب عزيزي القارئ من هذه التخريفات التي ملئت عقول النصارى عندما تعلم أن كتابهم يأمرهم بعدم تشغيل عقولهم.
فيقول كاتب سفر الأمثال 3 : 5: [توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد.]
ثم إن اللواط مُحَرَّم في الإسلام العظيم
قال الذهبي في كتاب الكبائر:
{واللواء أفحش من الزنا وأقبح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اقتلوا الفاعل و المفعول به ” وعنه صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله من عمل عمل قوم لوط” . قال ابن عباس رضي الله عنهما يُنظر أعلى بناء في القرية فيُلقى منه ثم يتبع بالحجارة كما فُعل بقوم لوط .
وأجمع المسلمون على أن التلوط من الكبائر التي حرم الله تعالى}.(9)
رابعا: من فمك أدينك أيها النصراني الشرير:
إذا أصرّ النصارى على هذا التفكير الشاذ المختل المريض فعليهم أن يُفسِّروا هذه النصوص أيضا بنفس هذه العقلية المريضة:
يقول كاتب سفر التثنية 33 / 26:
[ليس مثل الله يا يشورون.يركب السماء في معونتك والغمام في عظمته]
فهل الإله عندهم ركب السماء أي فعل بها الفاحشة بحسب نفس هذه العقلية المريضة؟؟
يقول كاتب سفر الملوك الثاني 4 / 34 عن النبي إليشع:
[ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدّد عليه فسخن جسد الولد.!]
فيا تُرى ما تفسير النصارى لهذين النصّين عِلْماً بأن النصَّ الأخير يُصرِّح أن إليشع ركب فوق الصبي واضطجع فوقه؟
مراجع البحث:
(1) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص332 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
(2) التاريخ الكبير للبخاري ج2 ص200 ط دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد – الدكن.
(3) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.
(4) تفسير ابن كثير ج7 ص293 ط دار طيبة – الرياض ، السعودية. ت: سامي بن محمد السلامة.
(5) مسند أحمد ج6 ص334 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
(6) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.
(7) تفسير الإمام الطبري ج23 ص66 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: أحمد محمد شاكر.
(8) لسان العرب للإمام ابن منظور ج3 ص1712 ط دار المعارف بالقاهرة .
(9) كتاب الكبائر للإمام الذهبي ص81 ط دار ابن كثير دمشق – بيروت ، ت: محيى الدين مستو.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
واستدل بالرواية التالية:
قال الإمام أحمد في مسنده
{ حَدَّثَنَا عَارِمٌ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنِي أَبُو تَمِيمَةَ، عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ: الْبِكَالِيَّ يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ – قَالَ عَمْرٌو إِنَّ عَبْدَ اللهِ -، قَالَ: اسْتَتبْعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَخَطَّ لِي خِطَّةً، فَقَالَ لِي: ” كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ ” . قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَذَفَةً ، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا كَأَنَّهُمْ الزُّطُّ (قَالَ عَفَّانُ: أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ: إِنْ شَاءَ اللهُ) : لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْآتِهِمْ، طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ ، قَالَ: فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ: وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ . قَالَ: وَجَعَلُوا يَأْتُونِي فَيُخَيِّلُونَ، أَوْ يَمِيلُونَ حَوْلِي، وَيَعْتَرِضُونَ لِي . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا . قَالَ: فَجَلَسْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَعَلُوا يَذْهَبُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا، أَوْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ وَجِعًا، مِمَّا رَكِبُوهُ . قَالَ: ” إِنِّي لَأَجِدُنِي ثَقِيلًا “، أَوْ كَمَا قَالَ . فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي . أَوْ كَمَا قَالَ . قَالَ : ثُمَّ إِنَّ هَنِين أَتَوْا، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ طِوَالٌ . أَوْ كَمَا قَالَ، وَقَدْ أَغْفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ أَشَدَّ مِمَّا أُرْعِبْتُ الْمَرَّةَ الْأُولَى – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَقَدْ أُعْطِيَ هَذَا الْعَبْدُ خَيْرًا، أَوْ كَمَا قَالُوا: إِنَّ عَيْنَيْهِ نَائِمَتَانِ، أَوْ قَالَ : عَيْنَهُ، أَوْ كَمَا قَالُوا: وَقَلْبَهُ يَقْظَانُ، ثُمَّ قَالَ: – قَالَ عَارِمٌ وَعَفَّانُ -: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلُمَّ فَلْنَضْرِبْ لَهُ مَثَلًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُؤَوِّلُ نَحْنُ، أَوْ نَضْرِبُ نَحْنُ وَتُؤَوِّلُونَ أَنْتُمْ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ سَيِّدٍ ابْتَنَى بُنْيَانًا حَصِينًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ بِطَعَامٍ، أَوْ كَمَا قَالَ . فَمَنْ لَمْ يَأْتِ طَعَامَهُ، أَوْ قَالَ: لَمْ يَتْبَعْهُ، عَذَّبَهُ عَذَابًا شَدِيدًا، أَوْ كَمَا قَالُوا . قَالَ الْآخَرُونَ: أَمَّا السَّيِّدُ: فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْبُنْيَانُ: فَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَالطَّعَامُ: الْجَنَّةُ وَهُوَ الدَّاعِي، فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ فِي الْجَنَّةِ . – قَالَ عَارِمٌ فِي حَدِيثِهِ -: أَوْ كَمَا قَالُوا، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ عُذِّبَ، أَوْ كَمَا قَالَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: ” مَا رَأَيْتَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ ؟ ” فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: رَأَيْتُ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا خَفِيَ عَلَيَّ مِمَّا قَالُوا شَيْءٌ “، قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ – أَوْ قَالَ – هُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ كَمَا شَاءَ الله}.(1)
ومحل استدلاله هو قوله:
فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وإليك الرد على هذا صاحب العقل المغيّب :
أولا: هذه الرواية لا تصح من جهة الإسناد:
فسند الرواية يقول:
(حَدَّثَنِى أَبُو تَمِيمَةَ عَنْ عَمْرٍو – لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ الْبِكَالِىَّ – يُحَدِّثُهُ عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ…).
وعمرو البِكالي لم يسمعْ من عبد الله ابن مسعود فيكون الحديث منقطعاً .
قال البخاري: ولا يُعرف لعمرو سماعٌ من ابن مسعود.(2)
ثانيا: العلماء يقولون بضعف الرواية:
1- فقد قال البخاري بعد ذكره لنفس الرواية: ولا يُعرف لعمرو سَمَاعٌ من ابن مسعود.(3)
وهذا تضعيفٌ ضمنيٌ من البخاري للرواية لأنَّ عدم سماع عمرو البكالي من ابن مسعود يعني الانقطاع ، والانقطاع علّة تقدح في سند الرواية.
وقد يقال أن بعضَ العلماءِ يقولون أن عمرو البكالي له صُحبة وهذا لا يضر في الانقطاع.
فأقول: لا ، لأننا في الحالة لا نعرف يقيناً هل نقل عمرو البكالي هذه الرواية عن ابن مسعود بواسطة صحابي آخر أم بواسطة تابعي.
فإن كان بينهما صحابي فجهالة الصحابي لا تضر لأن الصحابة كلهم عدول .
وإن كان بينهما تابعي فجهالة التابعي تُضَعِّفُ الرواية لأن التابعين ليسوا كلهم عدولاً.
وطالما لم نعرف هل الواسطة صحابي أم تابعي فالرواية باقية على ضعفها حتى نعرف ونتبين.
2- قال ابن كثير: رواه الإمام أحمد، بهذا الإسناد، وقال: وفيه غرابة شديدة.(4)
3- وضعّف الروايةَ محققو مسند الإمام أحمد فقالوا: إسناده ضعيف.(5)
4- كما حكم عليها مُحَقِّقُ كتابِ التاريخ الأوسط للبخاري بالضعف فقال: إسناده ضعيف بما أعلّه البخاري به.(6)
ثالثا: الرواية على فرض صحتها ليس فيها ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليس في متن الحديث ما يقدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا
فليس في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعرّى مطلقاً أو فعل ما ذهبت إليه عقول النصارى المريضة .
قال الطبري في تفسيره:
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ؛
فقال بعضهم عَنى بذلك الجن أنهم كادوا يركبون رسول الله لما سمعوا القرآن.(7)
إذا فالعلماء عندما يذكرون هذه الرواية يتحدثون عن الجن وليس عن الإنس.
ومعنى يركب في اللغة واضح ومعروف
قال ابن منظور: { وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ }.(8)
ثم إن الحديث عن الجن أو عن الملائكة كما جاء في آخر الحديث وليس عن بشر عاديين .
وحينما أقول أن الجن ركب فلانا فأول ما يتبادر للذهن المستقيم أن الجن تلبّس به وليس أول ما يتبادر إلى الذهن السليم أبدا أن الجن فعل به كذا أو كذا.
ثم الحديث ذكر أن هؤلاء الجن ليس لهم أعضاء تناسلية بدليل قوله (وَلَا أرَى سَوْآتِهِمْ) فإن كان هؤلاء ليس لهم سوءة فكيف استطاعوا أن يفعلوا ما ذهبت إليه عقول النصارى؟!
وهل حينما يقال أن فلاناً ركب البحر يعني هذا أن فلاناً هذا فعل بالبحر الفاحشة ؟!
ولكن يبدو أن النصارى لا يفهمون من كلمة “يركب” إلا الجنس والشذوذ !
وربما يعود سبب هذا التفكير الجنسي لما في كتابهم من جنس ودعارة وشذوذ وحكايات غرامية وزنا للأنبياء والمحارم ووصف صارخ فاضح لأعضاء الأنوثة عند النساء وأعضاء الذكورة عند الرجال !
وعلى مذهب النصارى في فهم كلمة “يركب” أن كل من قيل عنه أنه ركبه الهَمُّ – الحزن -فيكون الهَمُّ قد فعل به الفاحشة !!
ومَن رَكِبَهُ الدَّيْنُ – أي يكون مديوناً – يكون الدَّيْنُ قد فعل به الفاحشة !!
وعلى هذا فَقِسْ ، فعقول النصارى تلتهب من الذكاء والعلم والأدب.!
ولعلّك لا تستغرب عزيزي القارئ من هذه التخريفات التي ملئت عقول النصارى عندما تعلم أن كتابهم يأمرهم بعدم تشغيل عقولهم.
فيقول كاتب سفر الأمثال 3 : 5: [توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد.]
ثم إن اللواط مُحَرَّم في الإسلام العظيم
قال الذهبي في كتاب الكبائر:
{واللواء أفحش من الزنا وأقبح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اقتلوا الفاعل و المفعول به ” وعنه صلى الله عليه وسلم قال: “لعن الله من عمل عمل قوم لوط” . قال ابن عباس رضي الله عنهما يُنظر أعلى بناء في القرية فيُلقى منه ثم يتبع بالحجارة كما فُعل بقوم لوط .
وأجمع المسلمون على أن التلوط من الكبائر التي حرم الله تعالى}.(9)
رابعا: من فمك أدينك أيها النصراني الشرير:
إذا أصرّ النصارى على هذا التفكير الشاذ المختل المريض فعليهم أن يُفسِّروا هذه النصوص أيضا بنفس هذه العقلية المريضة:
يقول كاتب سفر التثنية 33 / 26:
[ليس مثل الله يا يشورون.يركب السماء في معونتك والغمام في عظمته]
فهل الإله عندهم ركب السماء أي فعل بها الفاحشة بحسب نفس هذه العقلية المريضة؟؟
يقول كاتب سفر الملوك الثاني 4 / 34 عن النبي إليشع:
[ثم صعد واضطجع فوق الصبي ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وتمدّد عليه فسخن جسد الولد.!]
فيا تُرى ما تفسير النصارى لهذين النصّين عِلْماً بأن النصَّ الأخير يُصرِّح أن إليشع ركب فوق الصبي واضطجع فوقه؟
مراجع البحث:
(1) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص332 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
(2) التاريخ الكبير للبخاري ج2 ص200 ط دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد – الدكن.
(3) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.
(4) تفسير ابن كثير ج7 ص293 ط دار طيبة – الرياض ، السعودية. ت: سامي بن محمد السلامة.
(5) مسند أحمد ج6 ص334 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط وآخرون.
(6) التاريخ الأوسط للبخاري ج2 ص1072 ط دار الرشد ، ت: د/تيسير ابن سعد أبو حيمد.
(7) تفسير الإمام الطبري ج23 ص66 ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: أحمد محمد شاكر.
(8) لسان العرب للإمام ابن منظور ج3 ص1712 ط دار المعارف بالقاهرة .
(9) كتاب الكبائر للإمام الذهبي ص81 ط دار ابن كثير دمشق – بيروت ، ت: محيى الدين مستو.
تمت بحمد الله
كتبه أبو عمر الباحث
غفر الله له ولوالديه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق