الاثنين، 29 أغسطس 2016

عروبة فلسطين والخليج العربي منذ ماقبل التاريخ

================================
يقول المؤرخ الإغريقي "هيرودوت" (430 قبل الميلاد):
(( إن البحر الذي يتم الإبحار فيه من هذه النقطة و حتى شاطئ مدينة "إيلات"، يطلق عليه اسم "الخليج العربي" (يقصد البحر الأحمر)، تماماً كما كانت البلاد التي تمتد من هنا و حتى حدود مدينة غزة يطلق عليها اسم "بلاد العرب" في العصور القديمة، حيث أن ملك العرب قد بنى قصره في مدينة "البتراء" في عصور مبكرة )) [1]
.
و يقول المؤرخ الإغريقي "ديودوروس الصقلي" (60 قبل الميلاد):
(( هذه الأرض الواقعة بين سوريا و مصر مقسمة بين شعوب كثيرة ذي طبائع مختلفة...الأجزاء الشرقية منها مأهولة بالعرب الذين يحملون اسم "الأنباط" )) [2]
.
.
- ماذا يقول المؤرخون و علماء الآثار في العصر الحديث عن سكنى العرب في فلسطين؟
===============================================
.
"متحف أورشليم للآثار" الإسرائيلي الكائن بمدينة القدس في الأراضي المحتلة يخبرنا الآتي:
(( لقد ظهر الخط العربي قبل بزوغ الإسلام بقرون عديدة...ففي أرض إسرائيل، تم العثور على كتابات عربية في الوثائق النبطية ترجع لفترات مبكرة من العصور الهيلينية و الرومانية )) [3]
أما منقب الآثار البريطاني "تشارلز مارستون – Charles Marston" أحد رواد العلوم الأثرية في بريطانيا وجد أدلة على سكنى العرب لفلسطين لفترات أقدم من خلال دراسته للنقوش المكتشفة في تلك المنطقة، و قد تحدث المؤرخ الكندي "دايفيد ج. غيبسون" عن هذه الإكتشافات قائلاً:
(( إنه يلفت انتباهنا إلى ألواح "رأس شمرا" أو "أوغاريت" التي تذكر وجود العرب في فلسطين في عصر الآباء، حيث كانو يتحدثون لغة عبرانية بدائية )) [4]
و رداً على نعيق الناعقين بأن اليهود و الآراميين و غيرهم من الشعوب الأخرى كانو أيضاً موجودين في تلك المنطقة و من سكانها الأصليين، فنحن لا ننكر هذا بل و نعترف به كحقيقة تاريخية لا تقبل الشك، و لكن هل كانو هم أصحاب الأرض أو على الأقل يشكلون الغالبية من سكانها ؟
.
.
- من كان يتحكم بالنصف الجنوبي من فلسطين؟
===========================
.
يخبرنا المؤرخ و عالم الآثار الإسرائيلي "مايكل آفي-يوناه" أن النصف الجنوبي من فلسطين كان بأكمله مقسما بين اليطوريين (عرب) و الأنباط (عرب) و اليهود....و أن الرومان عندما احتلو تلك المناطق انتزعو من أيدي العرب و اليهود الكثير من الأراضي، و لكنهم بعد ذلك أرجعو أغلب الأراضي التي انتزعوها من العرب.[5]
.
.
- و لكن ماذا عن النصف الشمالي حيث كانت تقطع المقاطعة اليهودية ؟ كم كان حجمها أصلا و كم كانت تحتل من أرض فلسطين ؟
===============================================
.
يجيبنا عن هذا السؤال المؤرخ الروماني "بابليوس تاسيتوس" (109 بعد الميلاد) قائلاً:
(( هذه البلد تحدها من الشرق بلاد العرب (يقصد الأردن)، في جنوبها تقع مصر (يقصد غزة و سيناء)، في غربها تقع فينيقيا و البحر المتوسط (يقصد لبنان)، و في شمالها فإنها تحظى بإطلالة واسعة على سوريا )) [6]
المنطقة التي كانت في حد ذاتها لا تعدو كونها بقعة صغيرة على الخريطة.
.
.
- هل كان سكان المقاطعة اليهودية كلهم من اليهود؟ أو هل كان أغلبهم على الأقل كذلك؟
===============================================
.
يجيبنا عن هذا السؤال المؤرخ و الجغرافي اليوناني "سترابو" حيث يقول واصفاً مقتطعة اليهود في فلسطين قائلاً:
(( بالنسبة إلى مقاطعة "يهوذا"، فإن أطرافها الغربية مأهولة بالإدوميين...الإدوميون قوم من الأنباط، و لكنهم و بسبب تحريضهم على التمرد فإنهم طردو من هناك، و انضمو إلى اليهود و يشاركونهم نفس العادات )) [7]
و يكمل بعدها بأسطر قليلة مؤكداً بأن الشعوب التي تسكن كامل فلسطين كانت (( خليطاً من الشعوب التي تنتمي لقبائل مصرية و عربية و فينيقية )). [7]
يعني أن اليهود لم يشكلو أغلبية مع العرب الإدوميين حتى في قلب منطقتهم، ناهيك عن حالهم مع الشعوب الأخرى في باقي فلسطين.
.
.
- كم كان عدد سكان فلسطين في تلك العصور؟ و كم كان عدد اليهود بينهم سكان فلسطين ؟
===============================================
.
أظهرت الدراسات أن عدد سكان أرض فلسطين في العصور الرومانية لم يكن يتعدى 1 مليون كأقصى حد.[8]
أما عن عدد اليهود بينهم، فيخبرنا المؤرخ الروماني اليهودي "فلافيوس يوسيفوس" بأن تعداد اليهود الفريسيين في المقاطعة اليهودية كان حوالي 6000 نسمة. [9]
و طبعاً هذا عدد اليهود الفريسيين فقط، و من الأمانة أن ننقل عدد باقي اليهود الذي أصبح في ازدياد في العصور اللاحقة، و إن كانت زيادتهم لم تحقق لهم بعد الأغلبية السكانية.
.
.
- لماذا ازداد عدد اليهود فجأة في تلك العصور ؟
============================
.
كان ذلك بسبب أن السلالة "الحشمونية" اليهودية قد هاجمت الشعوب التي حولها و أجبرتهم قسراً على اعتناق الديانة اليهودية، و قد كان من بين هذه الشعوب الإدوميون العرب و اليطوريون العرب و السامريون و حتى الإغريق القاطنون بالساحل.
حيث يقول المؤرخ و الحاخام اليهودي الأمريكي "ستيفن م. وايلن": (( في زمن يسوع (المسيح)، كانت منطقة "الجليل" تحتوي الكثير من اليهود الذين لم يكن أجدادهم يهوداً إلا قبل ما يقرب من قرن واحد فقط )). [10]
و يقول في نفس السياق أن السكان الأصليين منالإدوميين و الجليليين كانو في طلائع المقاومة ضد الغزو الروماني للبلاد، بينما كان اليهود من أوائل المستسلمين بلا قتال حيث كانو على أتم الإستعداد لقبول شروط السلام، حيث يقول نصاً:
(( أثناء الثورة الكبرى بين عامي 66 و 70 للميلاد، كان الجليليون و الإدوميون من أكثر المحاربين ضراوة و استبسالاً في في القتال ضد روما....لقد حاربو الرومان حتى الموت في الوقت الذي كان فيه الكثير من اليهود مستعدين لقبول شروط السلام )). [10]
أي أن الكثير من يهود فلسطين في ذلك الزمان لم يكونو في الأصل يهوداً، بل كانو عرباً و آراميين و يونانيين تم أجبارهم على التهود بالقوة.
و يظهر أيضاً أن اليهود لم يكونو يهتمون بفلسطين أصلاً، حيث أن سكانها الأصليين استبسلو في الدفاع عنها بينما قامو هم بتسليمها للغزاة بكل بساطة.
.
.
- كم كانت النسبة التي يشكلها اليهود من سكان فلسطين؟
================================
.
كان تعداد اليهود في القرون الأولى بعد الميلاد في لا يتعدى النصف في منطقة الجليل (و يشمل هذا السكان الأصليين الذين تم إجبارهم على اعتناق اليهودية بالقوة)، بينما كان تعدادهم الكلي في كامل أرض فلسطين لا يتعدى ربع السكان. [11]
و قد بدأ تعدادهم في التناقص بشكل ملحوظ في العصور اللاحقة حتى وصل ما بين 10 - 15% من التعداد الكلي، بينما تناقص عدد مستوطناتهم طوال تلك الفترة من 160 إلى 50 مستوطنة فقط بقدوم القرن السابع الميلادي. [12]
.
.
- من كان يحكم "مملكة إسرائيل" في العصور القديمة ؟
================================
.
كانت تحكمها سلالة ملك إسمه "عمري"، ورد ذكره في النقوش الآشورية على أنه ملك إسرائيل، ولكن المفاجأة هي أن "عمري" هذا كان ذي أصول عربية، و قد كان هو الذي أنقذ مملكة بني إسرائيل من الزوال، حيث كانت في انحدار إلى الحضيض عندما أمسك بزمامها، و أرجع لها أمجاد داوود و سليمان -عليهما السلام-.
يقول مؤرخ و عالم الكتاب المقدس "نايلز بيتر ليمش" متحدثاً عن العرب و دورهم في إسرائيل القديمة ما نصه:
(( لقد بدأ العرب في القرن التاسع قبل الميلاد باختراق المجتمعات الحضرية، بل و حتى أنهم في بعض الأحيان كانو يتبوؤون مناصب عليا فيها، مثل المقاتل المحترف "عمري"، الذي ترقى ليصبح مؤسس سلالة مهمة من ملوك إسرائيل (إن اسمه على الأرجح عربي، مثل اسم إبنه "آحاب"، و الجزء الأول من اسم الأميرة "أثالية" ) )). [13]
.
.
- من كان يحكم اليهود في العصور المتأخرة (العهد الروماني) ؟
=====================================
.
كان يحكمها الملك "هيرود" الشهير.....و لكن المفاجئة هي أن هيرود لم يكن يهوديا، بل عربياً ذا أب إدومي و أم نبطية، حتى أن إسمه "هيرود" ليس إلا تحريفاً لاتينياً لإسم "الحارث" ملك الأنباط في العصور القديمة، و قد سمي تيمناً به. [14]
نقرأ من الموسوعة البريطانية حول هذا الموضوع:
(( لقد ولد "هيرود" في جنوب فلسطين، و كان والده "أنتيبار" إدوميا (أي عربياً من المنطقة التي تقع بين البحر الميت و خليج العقبة) ))
و تكمل الموسوعة بعدها بأسطر قليلة:
(( لهذا فإن "هيرود" مع كونه مطبقاً للديانة اليهودية، فإنه كان ذا أصول عربية من جهة كل من والديه )). [15]
.
.
- هل كان هناك عرب في سوريا و العراق قبل الفتوحات الإسلامية؟
======================================
.
يقول المؤرخ الأمريكي "مايكل ماكدونالد" عن سكنى العرب في الشرق الأوسط القديم ما نصه:
(( في عصور عديدة قبل القرن الثاني للميلاد، كان العرب موجودين في:
-الجزء الشرقي لمصر، الفيوم و دلتا النيل و سيناء.
-الجزء الجنوبي لفلسطين و السامرة.
-من شمال و حتى جنوب الأردن.
-الأجزاء الجنوبية من لبنان، وادي البقاع و الجبال التي تقابل لبنان.
-جبال حرمون (شرق لبنان).
-شمال و وسط و جنوب سوريا.
-الجزيرة (بين سوريا و العراق).
-في شمال و وسط و جنوب بلاد الرافدين.
-غرب و وسط إيران.
-شمال شبه الجزيرة العربية، و السواحل الشرقية و الغربية لشبه الجزيرة، بما في ذلك جزر كمران التي تقع على الساحل الغربي لليمن. )). [16]
و ينقل نفس المؤرخ أيضاً عن المؤرخين الرومان و الإغريق القدماء قائلاً:
(( طبقاً لـ"سترابو" و "بليني" و "بطليموس"، فإن أكثر مقاطعة سوريا كانت مأهولة بالعرب، و كانت بالتالي قد انتشرت في ربوعها الكثير من المناطق التي يطلق عليها "بلاد العرب"، و التي كانت إسمياً تحت الحكم الروماني )) [16]
و ينقل لنا المؤرخ "روبرت ج. هويلاند" أقوال الجغرافيين و المؤرخين القدماء حول ماهية بلاد العرب في العصور القديمة:
(( كان هيرودوت (430 قبل الميلاد) يرى أن "بلاد العرب" كانت بشكل رئيسي تسمية لأجزاء من مصر الشرقية و سيناء و النقب، مما ينسجم مع ملاحظة "بليني الكبير" (79 للميلاد) الذي يقول أن بلاد العرب تمتد من دلتا النيل الشرقية و حتى البحر الأحمر )). [17]
===============================================
.
.
.
.
المصادر و المراجع:
============
[1] - Herodotus, The Histories, Book III
[2] - Diodorus Siculus, The Library of of History, Book II, Chapter 48.1
[3] - "The Origins of the Arabic Script", Jerusalem Archaeological Park
http://archpark.org.il/article.asp?id=266
[4] - David J. Gibson, Edom & the Hyksos: Discovery of a Large Edomite Empire, p.5
[5] - Michael Avi-Yonah, The Jews Under Roman and Byzantine Rule: A Political History of Palestine from the Bar Kokhba War to the Arab Conquest, p.19
[6] - Publius Cornelius Tacitus, Histories, Book V, Chapter: 6
[7] - The Geography of Strabo, Book XVI, Chapter 2.34
[8] - Magen Broshi, Bulletin of the American Schools of Oriental Research, No. 236 (Autumn, 1979), pp. 1-
10
[9] - The Antiquities of the Jews, Book 17, Chapter II (4.42)
[10] - Stephen M. Wylen, The Jews in the Time of Jesus: An Introduction, pp.63-64
[11] - Michael Avi-Yonah, The Jews Under Roman and Byzantine Rule: A Political History of Palestine from the Bar Kokhba War to the Arab Conquest, p.133
[12] - David Goodblatt, "The Political and Social History of the Jewish Community in the Land of Israel", Cahpter 16 of The Cambridge History of Judaism, Volume 4 (The Late Roman-Rabbinic Period), Page: 407
[13] - Niels Peter Lemche, Historical Dictionary of Ancient Israel, p.53
[14] - Ben Abrahamson & Joseph Katz, Yosef Dhu Nuwas: A Sadducean King with Sidelocks, pp.26-33
[15] - Encyclopedia Britannica, "Herod: King of Judaea"
https://www.britannica.com/biography/Herod-king-of-Judaea
[16] - Macdonald Michael C.A. "Arabs, Arabias and Arabic before Late Antiquity". In: Topoi, volume 16/1, 2009. pp. 277-332
[17] - Robert G. Hoyland, Arabia and the Arabs : from the Bronze Age to the coming of Islam, p.3
.
.
.
‫#‏الإحتلال_العربي‬
‫#‏الفتوحات_الإسلامية‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق